تخطيط التعاقب الوظيفي
وفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن معهد تطوير كبار القادة وكلية إدارة الاعمال بجامعة ستانفورد يعتبر تخطيط التعاقب على شغل المناصب العليا والقدرة على إعداد هؤلاء الأشخاص ليصبحوا الجيل التالي من القادة الناجحين لشركتك أمر بالغ الأهمية للبقاء في المنافسة .
- في هذا المقال، سنتناول تخطيط التعاقب بالتفصيل ونستعرض أفضل الممارسات ومقومات نظام تخطيط التعاقب الذي يمكن تطبيقه في أي شركة.
– المحتويات
- ما هو تخطيط التعاقب
- أفضل الممارسات
- الشروط الواجب توافرها لبناء نظام تخطيط التعاقب
- مراحل عملية تخطيط التعاقب
التعريف : هو عملية اختيار وتطوير المواهب الرئيسية لضمان استمرارية شغل المناصب الكبيرة والمحورية.
إذا نظرنا إلى هذا التعريف، فإننا نلتفت الى عدة عناصر هامة:
أولا : يتعلق تخطيط التعاقب بالوظائف الهامة فقط وليس كل الوظائف أي الوظائف التي تعتبر حيوية لتنافسية الشركة واستمراريتها، بإمكانك استبدال وظيفة مندوب مبيعات بكل سهولة، ولكن منصب مثل مدير المبيعات لا يجب ان يظل شاغرا لفترة طويلة.
ثانيا : يدور التعريف حول اختيار وتطوير المواهب الرئيسية. هذا يعني أنه بالنسبة لتلك الأدوار الهامة، يتم اختيار الأفضل، والأذكى، وتطويرهم، وإعدادهم. دائما ما يرتبط تخطيط التعاقب بالمرشحين الداخليين. مثلا يتم إعداد مدير المبيعات لشغل منصب نائب الرئيس للمبيعات، بينما يتم إعداد نائب الرئيس للمبيعات ليصبح الرئيس التنفيذي الجديد. من حين لآخر، يمكن ان يرتبط التخطيط بالمرشحين الخارجيين وتجهيزهم قبل تولي منصب جديد بشكل جانبي او إضافي لان التخطيط مرتبط رأسا بالمرشحين الداخليين.
ثالثا : يتحدث التعريف عن ضمان الاستمرارية وهذا هو الغرض النهائي أي أنه عندما يغادر شخص ما في أي وقت ، يكون هناك شخص آخر جاهز ومؤهل لشغل هذا المنصب.
في ضوء عملية التعاقب كتب الإداري الشهير مارشال جولد سميث يقول انه “يجب تغيير اسم تلك العملية من تخطيط التعاقب الى تطوير التعاقب” أي التركيز يجب ان يكون على تطوير قادة عظماء لا على التخطيط،
أفضل الممارسات
هناك عدد من الممارسات التي يمكن أن تجعل العملية أفضل في أي شركة أهمها :
1- يجب ان يكون هناك منظور طويل المدى لتخطيط التعاقب
تعتبر اكاديمية نادي أياكس لكرة القدم في أمستردام هولندا من أفضل الاكاديميات حول العالم اذا لم تكن الأفضل في مجال اكتشاف وتطوير المواهب حيث يتم اكتشاف المواهب في وقت مبكر. أطفال لا تتجاوز أعمارهم 7 سنوات ومع تقدمهم في المراحل السنية يتم تصعيد الأفضل منهم إلى لأقسام الأعلى تواليا وينتهي الأمر بأن يصل الأكثر نجاحًا الى تحقيق حلمهم عندما يتم تصعيدهم الى اللعب في الفريق الأول لكرة القدام والذي ينافس في الدوري الممتاز.
هذا مثال ممتاز للمنظور الاستراتيجي طويل المدى الذي اتخذته ادارة نادي اياكس. حيث يتم إعداد المواهب لمدة 10 سنوات على الأقل قبل تصعيدهم إلى الفريق الأول. أي انه عندما يغادر أي لاعب من الفريق الاول بغض النظر عن مركزه، يكون لدى الادرة عدة مرشحين يمكن أن يحلوا محله.
2- يجب ان تضمن عملية التعاقب التطوير المنظم
التخطيط لعملية تطوير منظمة بشكل جيد، قياسا على مثال نادي اياكس،جودة البرامج التدريبية المتبعة لكل مرحلة سنية التي تسمح للمواهب بالتدريب واكتساب المهارات التي يحتاجون إليها للتطور.
يتطلب إعداد مدير ليصبح نائب الرئيس برنامجا مختلفًا عن تطوير نائب الرئيس ليصبح مديرًا تنفيذيًا. لذلك، يجب ربط تخطيط التعاقب بالتعلم وبرامج التطوير. يمكن أن يشمل ذلك تطوير مهارات محددة أو اكتساب الموظفين خبرة مهنية أوسع في وظائف أو او اقسام أو بلدان مختلفة.
3- يجب دمج تخطيط التعاقب مع إدارة المواهب
تخطيط التعاقب في الأساس هو شكل من أشكال إدارة المواهب. يوصى بمواءمة ممارسات إدارة التعاقب وتطوير القادة مع ممارسات إدارة المواهب الموجودة.
تبدأ إدارة المواهب مع الموظف وتحدد كيف يمكن أن يتطور مساره المهني والوصول إلى إمكاناته. من ناحية أخرى ، تبدأ إدارة التعاقب بالأدوار الهامة التي يجب شغلها ، وبعد ذلك يتم تحديد المرشحين الذين يتناسبون مع هذه المناصب. يجب دمج هذين النهجين مع بعضهما البعض لتنمية الاحتفاظ بالمواهب الرئيسية ولضمان جهود التنمية ذات الصلة من منظور متعاقب.
4- يجب قياس النتائج لا العملية
وفقًا لـ جولد سميث. عند تقييم ممارسات تخطيط التعاقب، يجب أن تركز مقاييس النجاح على النتائج بدلاً من العملية مثل عدد المناصب الهامة التي تم شغلها عن طريق الترقية مقابل عدد الموظفين من الخارج أو النسبة المئوية للترقيات التي تأتي من مجموعة الأشخاص الأكفاء أي لا ينبغي قياس العملية نفسها مثل عدد برامج التعاقب والتطوير المتبعة في الشركة.
5- التحلي بالواقعية
نقطة رئيسية أخرى أثارها جولد سميث هي وضع خطط واقعية. يعطي جولد سميث مثالاً عن مهندس بارع لديه القدرة على أن يصبح مدير عمليات ومن أجل القيام بذلك، يحتاج إلى اكتساب المزيد من الخبرة في المبيعات لكن الشركة لن تخاطر أبدًا بوضع شخص ليس لديه خبرة في المبيعات في وظيفة عليا في المبيعات.
في ضوء هذا يجب التحلي بالواقعية وتوخي الحذر في إدارة توقعات التعاقب. مثلا إذا تم إعداد نائب الرئيس الموهوب للمبيعات ليكون الرئيس التنفيذي ربما يترك ذلك الشخص الشركة ساخطًا عندما يقرر مجلس الإدارة التمديد للرئيس التنفيذي الحالي لمدة 4 سنوات أخرى. لذا تعد إدارة الاتصالات والتوقعات أمرًا بالغ الأهمية عندما يتعلق الأمر بالإدارة الفعالة للتعاقب.
الشروط الواجب توافرها لبناء نظام تخطيط التعاقب
هناك شرطين أساسيين يجب توافرهم عند تصميم نظام تخطيط التعاقب وهما تبني ثقافة تطوير القادة وتحديد الوظائف الهامة.
1- ثقافة التطوير
لكي ينجح نظام تخطيط التعاقب وتطوير القيادة على المدى الطويل ، يجب أن يكون هناك التزام واضح من الإدارة العليا ، بما في ذلك الرئيس التنفيذي تجاه إعداد وتطوير القادة حيث يحتاج كبار المديرين والمديرين التنفيذيين إلى المشاركة بفاعلية في إعداد المواهب الشابة مثل المشاركة في ندوات ومؤتمرات تطوير قادة المستقبل بالإضافة إلى ذلك ، يجب أن تتضمن عمليات تقييم الأداء والمكافآت أنشطة تطوير القادة، بما في ذلك تحديد وتطوير الأشخاص ذوي الإمكانات العالية.
2- تحديد المناصب الهامة
وهي المناصب الحيوية في الشركة التي إذا ظلت شاغرة لبضعة أشهر أوتم شغلها بواسطة المرشح الخاطئ سوف تؤدي إلى اضرار من الصعب اصلاحها.
تتمثل أسهل طريقة لتحديد هذه الأدوار بالنظر الى الهيكل التنظيمي والسلم الوظيفي للشركة وإذا لم يكن هناك سلم وهيكل وظيفي واضح للشركة، فقد يكون الحل البديل هو ترتيب الوظائف بناءً على أهميتها. مثلا يعد الرئيس التنفيذي أكثر أهمية من المدير المالي، وفي كثير من الأحيان يعتبر المدير المالي أكثر أهمية من مدير تقنية المعلومات. بهذه الطريقة يمكن تحديد أهم الوظائف من حيث نطاق الوظيفة الاستراتيجية او التشغيلية، ومدى التحكم، والمكافآت على أساس الأداء مقابل الأجر التنافسي، وتأثير الوظيفة على خلق القيمة، ومدي أثر الأخطاء المحتملة في الوظيفة، وخطورة عواقب التوظيف السيئ.
عندما يتعلق الأمر بتحديد الوظائف الهامة فإن أفضل ممارسة هي عدم تحديد الكثير منها والاكتفاء فقط باستهداف اهم 0.5٪ من مجموع الوظائف في الشركة. لأنه كلما زاد عدد الوظائف كلما أصبح من الصعب الحفاظ على مجموعة قوية من البدلاء عند الحاجة لشغل منصب معين
بمجرد توافر تلك الشروط سوف تمر عملية تخطيط التعاقب بأربعة مراحل كالتالي:
1- تنمية المواهب
اثنان من أفضل الممارسات المذكورة سابقًا هما تبني منظور طويل الأمد والجمع بين تخطيط التعاقب وتنمية المواهب والقيادة. هذا يبدو منطقيا حيث يركز تخطيط التعاقب بشكل عام على الأدوار القيادية العليا التي سيتم استبدالها بأشخاص يشغلون حاليًا مناصب قيادية متوسطة المستوى. وبالتالي، فإن الممارسة الرئيسية هي دمج تنمية المواهب مع تخطيط التعاقب.
تبدأ عملية تخطيط التعاقب بتطوير المواهب بشكل منتظم. يوجد لدى العديد من الشركات برامج تنمية المواهب حيث يتم تدريب الأشخاص الموهوبين في وظائف مختلفة ومهام صعبة بهدف اكتساب المزيد من الخبرة وتطوير الكفاءات القيادية. وغالبًا ما يتم تزويدهم بمرشد مخصص يمكنهم من العمل بشكل أفضل
2- تحديد المواهب القيادية
في هذه المرحلة يتم مراقبة المواهب وسرعة تطورها وتقييمها بناء على البرامج التي تم تنفيذها في المرحلة الأولى من قبل المرشدين واللجان المعنية واختيار المجموعة الأفضل لتجهيزهم للمرحلة التالية
3- تطوير القادة
يتم تطوير المجموعة المختارة بشكل أكبر حيث يتم ضمهم إلى الدورات التدريبية وورش العمل الداخلية وتشجيعهم على تطوير علاقات أوثق مع الإدارة العليا لأن هذا سيجعلهم أكثر فاعلية في أدوارهم المستقبلية.
كما يجب أن يتعرضوا الى التعلم الفعال من خلال المشاريع الصعبة المليئة بالتحديات، والمهام الممتدة، والتي تهدف إلى تطوير الخبرة بعيدا عن الروتين المعتاد للموظف.
هنا تعمل عملية تخطيط التعاقب بمثابة حلقة تغذية عكسية بين المرحلة الثانية والثالثة ، حيث أن تطوير القادة هو مادة جديده لقياس قوة المجموعة المختارة وستؤثر المعلومات الجديدة في هذه المرحلة على تحديد المواهب القيادية في المرحلة الثانية.
4- قرار التعاقب
في هذه المرحلة يتم إنشاء مصفوفة التعاقب حيث يتم تحديد البدلاء لكل وظيفة.
أحد الاعتبارات الرئيسية في هذه المرحلة هو احتمال رحيل الموظفين من الشركة.
- معدل تسرب كبار الموظفين:
مراقبة معدل التسرب للمناصب الهامة أمرًا أساسيًا حيث إن التسرب في أحد هذه المناصب سيربك عملية التعاقب. مثلا اعداد مجموعة من البدلاء لمنصب الرئيس التنفيذي العازم على البقاء لمدة 10 سنوات قادمة لن يؤدي إلا إلى احباط هؤلاء في حين أن مدير العمليات مثلا قد يكون لديه بديل واحد فقط ولكن لديه احتمالية عالية للاستقالة.
- معدل تسرب المواهب القيادية:
معدل التسرب هنا أقل ضررا، ولكنه لا يزال مكلفًا للغاية. حيث ان تلك هي المجموعة التي تم تدريبها على نطاق واسع. مما لا يعني فقط التكلفة العالية، ولكن أيضًا هذا التسرب يمكن أن يعطل عملية تخطيط التعاقب بالكامل.
عندما يترك موظف يشغل دورًا مهمًا أو يتقاعد يجب ان يتواجد البديل على رأس العمل بالفعل وإذا لم يحدث التعاقب بهذا الشكل فيجب إنشاء برنامج تأهيل بأهداف واضحة مع الموظف المستقيل حتى يتمكن البديل من الوصول إلى النسق المطلوب بأسرع ما يمكن لأنها وظيفة حساسة.
الخلاصة
هي عملية اختيار وتطوير المواهب الرئيسية لضمان استمرارية شغل الوظائف الهامة والمحورية ويتم ذلك أولا باستيفاء المنظمة لشرطين أساسيين هما تبني ثقافة تطوير المواهب وتحديد المناصب الهامة ثم العمل باستخدام أفضل الممارسات المتبعة على أربعة مراحل بدءا من وضع برامج تطوير المواهب مرورا باختيار وترشيح المجموعات المؤهلة وتكثيف تدريبها حتى الوصول الى البديل المناسب لشغل المنصب.
تويتر – لينكد إن
مقالات قد تهمك :